سلايدرمقالات

حكاية “بورة” مدينة مفقودة بدمياط إليها نسب السمك البوري بقلم – د. عبد الرحيم ريحان عضو لجنة التاريخ والآثار، المجلس الأعلى للثقافة

 

لايزال تاريخ دمياط في العصور القديمة والوسطي يخفي الكثير من الأسرار ذلك الثغر الذي يشرف علي البحر والنهر والبحيرة.
وفى دراسة جديدة للباحث الآثارى تامر العراقى ابن مدينة دمياط نكشف لغز
مدينة قديمة ذكرها الرحالة والمؤرخين عبر التاريخ علي سبيل المثال لا الحصر الادريسي والزبيدي والمقريزي كذلك الرحالة اميلينو في جغرافيته. والعالم الفرنسي جان ماسبيرو. واخيرا محمد رمزي في معجم البلدان في العصر الحديث. الا وهي بورة او بورا.
هناك لغز حول موقع تلك المدينة. فهناك رأيان حول موقعها . الرأي الاول وهو المرجح هي انها كانت من مدن بحيره تنيس ( المنزلة). حيث كانت تضم مدن مثل تنيس ،تونة ناحيه بورسعيد دميره ،دبيق ناحيه الشرقيه. ابوان، بورة، وشطا ناحيه دمياط، حيث ان بحيرة المنزلة او تنيس كما كاتبت تعرف في العصور الوسطى لم تكن موجودة قبل القرن السادس الميلادي، حيث كانت أرضا زراعية سكانها الانسان واستأنس الحيوان فضربها الله بزلزال فتفجرت الارض بحيرة مترامية الاطراف، وضمت جزرا وعواصم ذات صناعة وبلاد اشتهرت بالتجارة وكانت بها مصانع للغزل والنسيج والفخار والخزف ذاع صيتها مثل شطا وابوان. المصدر بحيرة المنزلة ( دراسة تاريخيه، جغرافية، اقتصادية)، نبيل عبد الحميد واخرون، ٢٠١٨.
ويتفق مع ذلك الراي نيقولا يوسف بأنه ضرب زلزال هائل كثيرا مدن مصر والساحل السوري في أواخر عهد جستنيان الاول عام ٥٥١ م، وصحبه اكتساح البحر للمدن الواقعة علي تلك السواحل، ولم يبق فوق وجهها الا عددًا من الجزائر مثل تنيس وتونه وابوان وشطا كما ذكرنا.
أما الرأي الاخر يشير البعض بأنها في موضع مدينه كفر البطيخ الحالية علي الجانب الغربي لنهر النيل.
ولكل من الرأيان مناصريه
أما عن الرأي الأول ، فقد ذكر مرتضي الزبيدي المتوفي سنة ١٧٩٠م، وقد عاصر الجبرتي وذكر في( قاموسه تاج العروس) ” بورة بالضم بمصر بين تنيس ودمياط ليس لها الأن أثر ومنها ينسب السمك البوري المشهور ببلاد مصر وبالسمك العربي باليمن، وبنو البوري فقهاء كانوا بمصر والإسكندرية، منهم هبة الله بن محمد ابو القاسم القرشي الدمياطي.
كما ذكرها العالمان الفرنسيان جان ماسبيرو وجاستون فيث في كتابهما(bourg du district de tennis d, ou,, le poisson Buri tireait son nom en croit les ateures Arabs. ( Anales du service de Antiquites,1868)
حيث ذكر جان ماسبيرو ” بعيدًا عن النص المقتبس هنا، عثرت علي مناقشة قديمه حول اصل كلمة papyrus، ويبدو لي من النظرة العاجلة علي هذين المصدرين انه كان هناك محاولة لأرجاء اصل الاسم اليوناني لكلمة بابيروس (بردي) لمدينة بورة بدلتا مصر لشهرتها بصناعة الورق. و في المصادر العربية ترد الاشارة لصناعة الورق في بورة في كتاب البلدان لليعقوبي ” بوره حصن علي ساحل البحر من عمل دمياط، تعمل بها الثياب والقراطيس. ” واللافت للنظر هنا في كتاب اليعقوبي هو انه ذكر أن بورة حصن على ساحل البحر. وكرر هذا مع نقيزه، بينما ذكر باقي الاسماء علي انها مدن، والشيء الاخر هو ترتيب المدن والحصون علي ساحل البحر ويتسأل ماسبيرو في النهاية ربما كان في هذا الترتيب اشارة الي مكان بورة الأصلي؟ فالترتيب كما ذكره اليعقوبي هو الفرما، تنيس، شطا، دمياط، حصن بورة، حصن نقيزه، البرلس، رشيد، اخنو، وسيمه، الاسكندرية.
ويستطرد العراقي في حديثه، أما عن الرأي الاخر حول موقع بورة فيقول، فقد ذكرت بورة أيضا في القاموس الجغرافي للبلاد المصرية منذ عهد قدماء المصريين الي سنه ١٩٤٥م لمحمد رمزي المفتش السابق بوزارة المالية، القسم الأول، البلاد المندثرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ١٩٩٤، الصفحات من ١٧٦ الي ١٧٩.
( بورة هي من المدن المصرية القديمة التي كانت مشهورة بصناعة الاقمشة وموقعها علي فرع النيل الشرقي قرب دمياط وقد اختفي اسمها، ووردت في نزهه المشتاق بانها علي خليج دمياط بين دمياط وفارسكور، وفي جني الازهار انها ذات زراعات وغلات وبساتين علي بعد ١٥ ميلا من فارسكور، وفي كتاب اليعقوبي كما ذكرنا سابقا انها حصن علي، ساحل البحر ومن عمل دمياط؟.
وورد في التحفة السنية للبلاد المصرية ما يفيد انها كانت قريبة من ناحية بستان بورة من اعمال الدقهلية ( قريه البستان) الحالية، وفي معجم البلدان بورة مدينة بارض مصر علي الساحل بالقرب من دمياط!! ، وفي كتاب السلوك للمقريزي ( ص١٩٥ج ١) ذكر في حوادث سنه٦١٥هجريه ما نصه”فأمر الملك الكامل بتغريق عدد من المراكب في النيل منعت الفرنج من سلوكه فعدل الفرنج الي خليج هناك يعرف بالأزرق كان النيل يجري فيه قديما فحفروه حفرا عظيما وأجروا فيه الماء الي البحر فجرت سفنهم فيه الي ناحية بورة علي ارض جيزة دمياط تجاه المنزلة التي فيها الكامل ليقاتلوه هناك، فلما استقروا في بورة حاذوه وقتلوه في الماء. ” وما ورد في السلوك يتضح لنا بأن بورة كانت علي، النيل وعلي الشاطئ الذي عليه دمياط اي الجانب الغربي من النيل وليس الشرقي والمقصود بمنزله الكامل قريه (العادلية) الحالية والجهة الغربية لها من النيل مدينة ( كفر البطيخ) الحالية.
ولكن من يطلع علي خريطة الوجه البحري يري ان كفر البطيخ التي هي بمكان بورة كما ذكر تبعد عن ساحل البحر المتوسط بمسافه ٨ كيلومترا، وان دمياط وهي من ثغور مصر تبعد عن البحر بمسافة ١٥ كيلومتر، وبذلك يصح اعتبار بورة حصن من الحصون ايضا.
وقد جاء في الخطط للمقريزية بورا ص١٨١ ج ١قال ” بٱنها كانت ما بين تنيس ودمياط اي كانت في بحيرة تنيس او المنزلة او علي شاطئها ، وعلي هذا الوصف فلو كانت بورة بالداخل لما استطاع العدو الدخول بالسفن الكبيرة حيث ذكر “وفي سنة عشر وستمائة وصل العدو اليها بشوانية( سفن كبيره خشبية) وسماها فتقدمت اليها القطائع ( قطائع الجيش المصري) التي كانت في رشيد، فسارو عنها.
وفي النهاية الحقيقة بأن الموضوع يحتاج الي بحث مفصل ربما يكون هناك جزءًا اخر. لفك الغموض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى