تحقيقات وتقاريرسلايدر

المومياوات الملكية وخبيئة الدير البحري

احمد السمان

تعتبر خبيئة الدير البحري الموجودة في غرب مدينة الأقصر، بج انب معبد حتشبسوت والمكتشفة عام 1881م، من أكبر الاكتشافات الأثرية العظيمة، وهي تعرف بـ”مقبرة 320″، وهي جبانة ملكية تقع على البر الغربي لنهر النيل في مواجهة مدينة الأقصر الحالية أعلى معبد حتشبسوت من الناحية الجنوبية، وهي تضم مومياوات وتجهيزات جنائزية لأكثر من خمسين شخصية فرعونية عالية المقام ، ما بين ملوك وملكات وأمراء ونبلاء من أسرات مختلفة تناوبت على حكم مصر .
لقد كانت الصدفة وحدها هي التي أدت إلى اكتشاف سر الخبيئة التي اكتشفتهة عائلة تسمى “عبد الرسول” عام 1881 ، وهي عائلة اشتهرت فيما بعد بتجارة الآثار وكانت تعيش بقرية القرنة . فقد كان أفراد تلك الأسرة لا يدركون قيمة الآثار التاريخية ، ففي أحد الأيام بينما كانوا يرعون الماعز، ابتعدت واحدة من الماعز، لتبحث عن العشب واتجهت إلى منطقة صخرية، وفجأة اختفت الماعز وظل أحد أفراد أسرة “عبد الرسول” يبحث عنها حتى وجدها في بئر، وعندما نزل إلى هذه البئر العميقة وجد في نهاية البئر ممراً منحوتاً في الصخر وبالقرب منه عثر على كنزا ضخما من الآثار الفرعونية ، فذهب إلى إخوته، وأخبرهم عن اكتشافه لذلك الكنز الثمين، فأخذوا عهدًا على أنفسهم أن يظل هذا الأمر سرا بينهم .
ظل الأشقاء يترددون على المقبرة واختلسوا منها عدد غير قليل من القطع الأثرية والبرديات وقاموا ببيعها للأجانب والبعثات الأجنبية التي كانت تعمل في الأقصر آنذاك ، وهم بدورهم يقوموا ببيعها في أوروبا .
وقعت إحدى هذه البرديات في يد أحد الأوروبيين الولعين بالآثار المصرية ، أخذ ذلك الأوروبي يتقصى مصدر هذه البردية حتى وصل لهم طالبًا معرفة مكان الكنز وما إن رفضوا ، قام بالإبلاغ عنهم ، وبالفعل تم القبض على “عبد الرسول” ولكن لم يستطيعوا أن يُجبروه على الاعتراف رغم كل التهديدات التي تعرض لها .
خرج الشاب محمد عبد الرسول من السجن ، ليعلن براءته من سرقة الآثار، ثم دخل المنزل واجتمع مع إخوته وقال لهم إنه تعذب في السجن، ولذلك يجب أن يكون نصيبه من الخبيئة أكثر منهم!
بدأت المعركة والشجار بين الإخوة، حتى قام أحدهم بالذهاب إلى مدير قنا وأبلغ عن وجود خبيئة الدير البحري وذلك عام 1881، أي بعد 10 سنوات من كشفها ، ففوجئوا بالخبيئة التي كانت تحوي ١٥٣ تابوت والأثاث الجنائزي الخاص بعدد من الملوك والكهنة، إلى جانب العديد من الصناديق التي احتوت على تماثيل الخدم “الأوشابتي”، وبعض المشغولات الذهبية ، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من البرديات النادرة ، كما كانت تضم مومياوات مجموعة من أهم الملوك الذين حكموا مصر القديمة .
يصف “جاستون ماسبيرو” عالم الآثار المشهور هذا الاكتشاف العظيم في احد كتبه قائلا : “ما اكتشفه العربان كان قبوًا كاملًا للفراعنة.. وأي فراعنة! أعظم الفراعنة في تاريخ مصر ، تحتمس الثالث وسيتي الأول وأحمس المحرر ورمسيس الثاني الفاتح أظن نفسي في حلم وأنا أرى وألمس أجساد هذه الشخصيات الفريدة التي ما كنا نظن أننا سنعرف عنهم سوى أسمائهم” .
شارك في نقل هذه المومياوات أكثر من 300 عامل وظلوا لمدة يومين كاملين في نقل هذا الكنز إلى متحف بولاق في ذلك الوقت، وقد تم نقله بعد ذلك إلى المتحف المصري في مشهد مهيب .
والتاريخ يعيد نفسه ففي يوم السبت القادم الموافق الثالث من ابريل إن شاء الله سيتم نقل المومياوات الملكية من المتحف المصري بالتحرير إلى متحف الحضارة أيضاً في مشهد مهيب .
تحياتي !!!..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى