سلايدرمقالات

وفاء العنزي تكتب من المغرب،، الي اخي

إلى أخي: سلام لمن تجمعني به محبة من الأعماق، و تصفو المودة و الوفاء. سلام لمن أظل أصافحه بشوق و أحتويه بسلام . سلام لمن هو أطهر من الماء و أنقى من الماس. سلام لمن تربطني به رباط الكف بالساعد . سلام لمن تجمعني به علاقة العين و اليد،إذا بكت العين مسحت اليد دمعها ، و إذا تألمت اليد بكت العين لأجلها . أخي الغالي ، جاش في نفسي التحدث معك،فقد اشتقت لك كثيرا بحجم المسافات التي بيننا،كيف لا أشتاق إليك و أنت جزء من أمي ،كيف لا أشتاق إليك و أنت عيني الثانية ،و دخري لغدر الزمان. أخي الغالي قد لا أجد كلمات أستطيع أن أصفك بها ،إلا أن أقول لك أني سعيدة أنك أخي،سعيدة أنك نبض قلبي ، سعيدة أنك قدري في دنيتي ،سعيدة أنك زينتي في الرخاء و عدتي في البلاء و معونتي على الأعداء . أخي الغالي ،أو “خويا العزيز” كما أحب دائما أن أناديك ،أخي الذي ودني و هو غائب ، أخي القريب البعيد بحضن الغربة ،لا يوجد لدي سوى الدعاء لك في كل حين،أن يحفظك الله لي أينما حللت و ارتحلت،و استودعتك لمن لا تضيع ودائعه،أعرف أخي أن الغربة و الوحدة و المهجر تضني أعصابك و تعصر قلبك ،فقد مرت ثلاثة عشر سنة و أنت بعيد عنا ،أخي الذي أتباهى به أمام الجميع ،أخي الجميل الأنيق ذو الإبتسامة الحلوة،أرفع رأسي عزة و عزوة بك ،أنت في عيني سلطان .
فمهما شغلتنا الحياة، و مضت بنا الأوقات و بعدتنا المسافات ،و تاهت بنا الأيام ،ستبقى نبض روحي في بستان عمري ،عضدي ،أبي الثاني ،فلنتناصح و نتصارح لنتصالح ،فنحن في حاجة للتواصل لا للتنصل ،فنحن في حاجة للمؤازرة لا للمنازعة ،فأنت سندي و ظهري،إمنحني العذر إن قصرت ،إن طالت بي الأيام و لم أسمع فيها صوتك، فالقلب دائما في ذكرك و الروح مازالت على حبك بالرغم من تباعد سكناي عن سكناك ،فأنت تسكن القلب و الروح وأذكرك و لا أنساك ،يجري طيفك في خيالي ،و فكري لا يجول لغيرك يا غالي إبن الغالي . أخي ،كلمة معصرة بأريج الأرجاء ،عبارة تقبض الحب و الإخلاص،كلمة مسيجة لا يدخلها إلا أهل الصدق و الوفاء ، مبنية على التحايا لا التباغض ،على التشارك لا التراشق ،على الإحسان لا النكران و على التراحم لا التراطم . في أحيان كثيرة نختار الصمت لا لشئ إلا لأننا لم نستطع البوح ما بخاطرنا ،وقد تأتينا إشارات عابرة و تذكرة عاجلة ،قد تقلب المواجع و تقلق المضاجع ،لكننا نبقى إخوة.أنت أخي و أنا أختك و يوما ما ستدرك بأني كالحياة ،لن أتكرر مرة أخرى في حياتك ، وسأبقيك في ذاكرتي لأنك جزء منها ، وكلما كسرتني الحياة سأهرع أفتش عنك بين سطوري ، لعلني أجدك لأخبرك كم أن الحياة عصفت بي و ما صرت تلك الأخت المدللة أميرةوسط إخوتها الذكور ، فقد هزتني جنة الدنيا و طرحتني أرضا و أشبعتني ضربا دون لمسي،فجادلتي بك و أقسمت لها أنك مختلف ،وأنك أخي الغالي و مستحيل أنك ستتغير ،أختك المدللة،اخي ،أصبحت تبحث عن طعم الحياة ببساطتها ،تبحث عن السكينة و السلام ، وتبتعد عن ضجيج الحياة ،فالحياة ليست إلا رحلة ،ولذتها ليست في الوصول ، و إنما في الطريق للوصول، وأنت يا أخي تركتني وحدي في نصف الطريق،كما تركني زوجي،هو مضى و لم يرجع ، و أنت تهت مني إلتفت ورائي أبحث عنك و سط الزحام ،فلم أجدك بجانبي ، خذلتني و تركتني للزمن، فكنت أنت و الزمن علي ،حسبتك ستكون أبا لأولادي،فالحياة بوجودك كانت ستكون أجمل . يا أخي أين هي سمحة أخوتنا ،و حلوة لمتنا ، أين هو حنانك ،أين هو كتفك حتى أضع عليه رأسي و أحكيه ، و أناجيه ،و أبكيه ، فلدمعتي قصة ، و لقصتي مأساة .إن حدثتني عن ما حل بي، سأحدثك عن وجع سكن أيسر صدري، فترك بي شيئا أعجز أن أسميه ،ليس خوفا هو ،ولا ألما، و لا غضبا ، و لا حبا ،و لا كرها ، هو وجع ليس ككل الأوجاع، و حزنا ليس ككل الأحزان، و سقما ليس ككل الأسقام ،كلما حاولت أن أبتلع ذلك الشعور تبتلعني غصة مرة ، لا أحد يستطيع أن ينقذني منها ، و لا من ألمها ، هو ألم ألم بي فآلمني و كان كفيلا ليسقطني و يهدني ،على حين غرة ، و طرد ذاك الزائر اللطيف ،ذاك الأنيق ، ذاك الضيف الراقي “الفرح” الذي لم أستمتع معه كثيرا و غادرني بسرعة ، و لم يمهلني معه إلا سويعات ،فأجبرتني دموعي أن أكتب،وأجبرتني همومي أن أبكي ،وأجبرني الألم أن أنزف ،وأجبرني النزيف أن أتحسر ، أهكذا أصبحت الأخوة !؟ أخوة جوفاء ،خاوية تهوم في ركود ،أصابتني بخيبة أمل ، أخوة زائفة بها صد و جفاء ،أخوة مالت و انقلبت ، كيف كانت و كيف أصبحت ،بات الحنين الصامت يمزقني إلى أشلاء و بات يؤلمني ذاك الاشتياق تصاحبه حسرة على ما فات. عزيزتي الحياة ، لما سمحتي للألم بابتزاز خاطري و إفساد حياتي الهادئة ؟؟ لما سمحتي لنفسك أن تلهي أخي عني ، فخاب ظني فيك وفيها ، شغلتك الدنيا دهرا عني وأنت لا تعرف أن للدنيا ظل زائل، و من ركن إليها فهو جاهل، يهواها القلب و يحذرها المرء العاقل،كانت فعلا خيبة، تألمت و تآذيت بها ، فقلبي وجع بغيابك المفاجئ وجرح من مغيبك ،و أصبح كبركان موقوت يغلي وسط صدري كلما توالت الأيام ،و اشتدت حرارته و غضبه و ازدادت قوته لدرجة لو اقتربت من حضني و لامست صدري لاحترقت .
ألا يا عين هل ستبكين !فهناك شئ يخنقني من الداخل و دمع يقف على أطراف عيني،يسكنها و لا يبرحها ،ينتظر النزول لينهمر منسكبا،فأمنعه ،فأنا أجيد التمثيل ،كوني دائما أرتب وجهي ،أتحسسه،لأبحث له عن رسم جميل لأصحح به عيوب الحزن فلابد أن أبدو أجمل مما أكتب ،وأغطي عيوني الذبلانة بالابتسامة فهي الوحيدة التي لا أرسمها و لم أفقدها، فإبتسامتي سر قوتي . أخي الغالي ،أنا فعلا أتألم في صمت ،و بشدة ،فكن معي يا الله و ارحم ضعفي و قلة حيلتي، ولا تبكيني خيبة ولا تكسرني خذلانا و امنحني القدرة الكافية لأتقبل ما يحدث حولي . أخي ،لا تترك لأحد أن يخدش صفاء قلوبنا،ولا تعجل بلومك لي و استدم علاقتي بك ،فأنا منك و لك و بك و إليك ، و إن سألوك يوما هل لك أخت ،قل لهم بل لدي أم أنجبتني و أم احتضنتني ، فأنت إبني، وأخي ، و صديقي،أنت مماثلي ، و ضلعي الثالت ،وأثمن أشيائي واغلاها،فلا تكسر كل الجسور بيننا،ولا تقطع حبل الود و التواصل مهما اختلفنا ،و تذكر كل شئ جميل مر بيننا ،و دعني أحكي معك و أضمك و أهمس في أذنك دون أن يسمعني أحد و أقول لك أحبك أخي ،ولا أقول وداعا بل أقول إلى لقاء قريب ، قد تشاء الأقدار و قد لا تشاء ، فإن غبت لا تنساني، وإن مت ادعو لي ،وإن أغضبتك يوما فسامحني. محبتي و مودتي .وفاء العنزي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى