أخبار مصر

جيهان سلام تكتب /جريمتي مع بائع العسلية ونظرية أبي التربوية

علمني أبي درسا في التربية لن أنساه !!!حين كنت في الصف الثاني الابتدائي شتمت المدرس وخرجت مسرعة من الصف ؛ لأنه أجلس تلميذة في مكاني في الدرج الأول مجاملة لوالدها الذي أحضر له هدية من سلطنة عمان ، وأجلسني بالقوة في الدرج الأخير وهو يهددني ب (الجلدة التي لم تغادر يديه ) !!! طلب المدرس من عبدالعال بائع العسلية أن يجري ورائي، و يمنعني من الخروج من بوابة المدرسة خوفا من أبي ، وكان عمي عبدالعال رجلا طيبا ، نحبه ونترقب دراجته كل صباح ، لنشتري بالمصروف اليومي عسلية بالسمسم ، لكنني لم أدر بنفسي من شدة البكاء والغضب ، فالتقطت ( زلطة) من فناء المدرسة ، و ( بطحته في رأسه ) ولما رأيت خريطة مرسومة بالدماء فوق وجهه ممتدة إلى ملابسه انكتمت أنفاسي من الخوف ، وأسرعت وأنا أصرخ : يا بابا تعالى .. يابابا ، ومشيت في الشارع أبكي وفي اليوم التالي أخذني أبي إلى المدرسة وكنت قد أخفيت عليه جريمة عمي عبدالعال . والغريب في الأمر أن المدرس عندما رأى أبى بدأ يرحب به بشدة ، وأجلسني في مكاني في أول الصف ، وفعل مع البنت التي أجلسها في مكاني مافعله معي ، ولكن والدي نهره وقال له : ” إنها طفلة ” وأخذ البنت من يدها وأجلسها معي في نفس الدرج رغم أن والدها التربوي الذي منح المدرس هدية كان مستمتعا بتهديد المدرس لي بالجلدة ، وسعيدا باحتلال ابنته مكان جلوسي !!! بدأ المدرس يشكو لأبي من شتمي له ، وإصابة عمي عبد العال فقال والدي وهو منفعل : ( إن شاالله تموتكم كلكم دا عقاب لكم على إهانتها ) وضحك الجميع ، وشعرت بالقوة والجبروت في وجود أبي ودفاعه عني ، وفي طريق عودتنا إلى المنزل كنا نسير على الأقدام ، فأمسك أبي يدي وأخذ يضغط عليها بقوة دون أن يتكلم معي بكلمة واحدة ، فصحت من شدة الألم ، و كلما سأله أحد : ” ياباشمهندس البنت بتعيط ليه ؟!! ” يرد مبتسما له :
” عندها مغص” ولما دخلنا البيت ترك يدي وقال بغضب : ” أنا مارضيتش أكسرك أمام الناس في المدرسة ، وأضربك عشان ماتطلعيش ضعيفة الشخصية ، لكن مافيش بنت متربية تشتم المدرس وتضرب عامل المدرسة في راسه بطوبة!!! ” فعرفت منذ طفولتي بدون نظريات علم نفس التربية وعلم نفس التعلم أن الطفل الذي يعاقبه والده أمام الناس سيكون في المستقبل منكسرا وضعيف الشخصية وتعلمت ألا نواجه العنف بالعنف ، وصار أبي معلمي الأول، ومازلت أدمن أكل العسلية وأقرأ الفاتحة على روح والدي، وعلي روح عمي عبدالعال بائع العسلية الطيب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى