ليبيا ومصر والمسرح العربي حكاية مسرحية وجوه ٩ سنوات من النجاح بين القابسي وعبدالحفيظ

بقلم: عصام شعيب
من يتأمل مسيرة فرقة المسرح المصري، التي أبصرت النور عام 2007 وقدمت اولى عروضها كذبة وعدت، يكتشف انها لم تتحرك يوما بلا بوصلة، ولم تخض التجربة بعشوائية. فمنذ بواكيرها، وضعت لنفسها نهجا مدروسا، قائما على ادارة واعية وارادة صلبة، فأنجزت اعمالا حملت رسائل وقيم، لا مجرد عروض تطوى باسدال الستار.
قدمت الفرقة على خشبات المسرح اعمالا مثل ميسد كول بالعربي، شكشوكة، مركب الاحلام، وجوه، متجوزين واللا..!؟، الجوازه باظت، الست، بليغ والست، فترة خطوبة، وردة. وهي تجارب حصدت الجوائز، منها جائزة احسن ممثل بمهرجان المسرح العربي، وجائزة مهرجان بجاية الدولي بالجزائر، فضلا عن درع وزارة الثقافة الجزائرية.
ورغم التحديات المادية، لم تتوقف مسيرة الفرقة؛ بل واصلت السفر بفنها من اقصى الشرق الى اقصى الغرب في مصر، وتجاوزت حدود الوطن لتصل إلى جمهور عربي واسع. وفي قلب هذا الحراك، يقف الفنان ناصر عبدالحفيظ، قائد الفرقة، الذي يحسن المزج بين الحلم والواقع، بحثا عن نصوص تحمل الجمال والقيمة.
وفي هذا البحث، قاده القدر الى شاطئ الكاتب الليبي فتحي القابسي، احد الاسماء البارزة في المسرح الليبي. ومن هنا، عادت مسرحية وجوه على خشبة مسرح الحكمة بالزمالك بعد غياب تسع سنوات، لتؤكد أن الاعمال الجيدة لا تموت، بل تبقى حية في وجدان محبيها حتى يحين موعد بعثها.
النص، المقتبس عن الاديب الليبي احمد يوسف عقيلة، واخراج الراحل المبدع الليبي شرح البال عبدالهادي، طرح سؤالا عميقا: هل هناك وجوه نقابلها في حياتنا تخفي وراءها قبحا؟ وجاءت الرسالة غير المباشرة واضحة: لنتحرر من الأقنعة، و لنواجه الحياة بوجه واحد صادق ونقي.
انتقلت وجوه في لوحاتها بين الفكاهة، والغناء، والكوميديا السوداء، محافظة على انتباه الجمهور وكاسرة لرتابة المشاهدة، رغم غياب بعض المؤثرات البصرية والصوتية التي لم يشعر بها أحد بفضل سيناريو نابض بالواقعية، لامس قضايا الناس بصدق وتجرد.
وكما تصمد الاعمال الجيدة امام الزمن، جاء هذا اللقاء بين القابسي وعبدالحفيظ ليجسد الفكرة ذاتها؛ فصل جديد يكتب في حكاية المسرح العربي، فصل نترقب أن يمتد بأعمال مشتركة تبقى عصية على النسيان.