أخبار مصرسلايدر

وزير الأوقاف في خطبة الجمعة من "مسجد النصر" بمحافظة الدقهلية: الصدق عماد الحضارات وسبيل أمانها الاجتماعي وهو أحد أهم علامات الإيمان والكذب أخص علامات النفاق

احمد فتحي
في إطار دور وزارة الأوقاف التنويري والتثقيفي ، ومحاربة الأفكار المتطرفة ، وغرس القيم الإيمانية والوطنية الصحيحة ، وبمناسبة العيد القومي لمحافظة الدقهلية ، ألقى معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف اليوم الجمعة 12 / 2 / ٢٠٢1م خطبة الجمعة بمسجد ” النصر ” بمدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية ، تحت عنوان : ” حديث القرآن الكريم عن الصدق والصادقين ” ، بحضور معالي الدكتور / أيمن عبد المنعم مختار محافظ الدقهلية ، وفضيلة الأستاذ الدكتور / شوقي علام مفتي الجمهورية ، والسيد اللواء / عبد القادر عبد الخالق النوري سكرتير عام المحافظة ، والأستاذ / هيثم الشيخ نائب محافظ الدقهلية ، والسيد اللواء / عادل الطحلاوي مساعد وزير الداخلية لمنطقة شرق الدلتا ، والسيد اللواء / رأفت عبد الباعث مدير أمن الدقهلية ،والسيد اللواء/ خالد إبراهيم مساعد الوزير للأمن المركزي لمنطقة شرق الدلتا ، والسيد اللواء / حسام عبد الواحد مدير الإدارة العامة للأمن الوطني بالدقهلية ، وسيادة العقيد /تامر العوضي المستشار العسكري للمحافظة ، وسيادة المستشار عبد الحميد همام رئيس محكمة الاستئناف ، والدكتور/ خالد صلاح مدير مديرية أوقاف الدقهلية ، و عدد من السادة أعضاء مجلس النواب بالمحافظة ، وعدد من القيادات التنفيذية والدعوية والشعبية بالمحافظة .
وخلال الخطبة أكد معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أننا في يوم من أيام الله (عز وجل) وهو يوم من أيام النصر لدولتنا المصرية العريقة التي تضرب حضارتها بجذورها في أعماق التاريخ لأكثر من (7000) آلاف عام ، وأن العيد القومي لمحافظة الدقهلية (٧٧١) عامًا مضت على انتصارات هذه المدينة على غاشم مستعمر حاول تدنيس ثراها الطاهر لهي أطول من عمر كثير من الدول ، وما كان لهذه الحضارة أن تبقى وأن تستمر وأن تمتد لولا أنها قامت على الحق والعدل و الصدق ، فالصدق عماد الحضارات ، وسبيل أمانها الاجتماعي، وهو أحد أهم عوامل بناء الدول وحضاراتها وعوامل استقرارها ودوامها .
وقد تحدث القرآن الكريم عن الصدق باعتباره ركيزة من ركائز الإيمان ، والأخلاق ، وبناء الدول والحضارات ، حيث يصف الله (عز وجل) نفسه في كتابه الكريم فيقول سبحانه : ” قُلْ صَدَقَ اللَّهُ” ، ويقول سبحانه وتعالى: “وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا” ويقول (عز وجل) : “وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا” ، ووصف به أنبياءه ورسله (عليهم الصلاة والسلام) ، فيقول سبحانه : ” وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا” ، مُقدما الوصف بالصدق على الوصف بالنبوة ، وهو ما تحدث به الحق (سبحانه وتعالى) عن سيدنا إدريس (عليه السلام) : “وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا” ، وفي حق سيدنا إسماعيل (عليه السلام) : “وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا” ، وفي حق سيدنا يوسف (عليه السلام) : “يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ” ، وفي حق سيدنا عيسى (عليه السلام) : ” وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ” ، وانظر إلى أدب سيدنا المسيح (عليه السلام) مع الله (سبحانه وتعالى) ، فلم يقل : “لم أقله” ، وإنما قال: ” إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ” ، وقال جل وعلا في حق سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) : “وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى” ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : ” ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا” ، مبينا معاليه أن القرآن الكريم تحدث عن مخرج الصدق ، ومدخل الصدق ، ولسان الصدق ، ومقعد الصدق ، ووعد الصدق ، ومُبوأ الصدق، وقدم الصدق ، فقال سبحانه مخاطبًا نبيه (صلى الله عليه وسلم) : ” وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ” ، فما من مخرج تخرجه أو مدخل تدخله إلا بصدق أو كذب ، فإن خرجت بطاعة ؛ لمساعدة محتاج أو لإغاثة ملهوف ، فهذا مُخرج الصدق ، أما إذا خرجت لأذى الناس أو لمعصية فهذا مخرج الكذب .
وتحدث القرآن الكريم عن مُبوأ الصدق فقال سبحانه : ” وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ” ، وهو المنزلة الحسنة في الدنيا ، وقال سبحانه عن مقعد الصدق : ” فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ” وهو الجنة ، كما تحدث القرآن الكريم عن وعد الصدق فقال سبحانه : ” وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ” وهو الجنة ، وتكلم عن لسان الصدق فقال : “وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ” أي: الثناء الحسن ، وعن سيدنا أَنسٍ (رضى الله عنه) قَالَ: مرَّت جنَازَةٍ فَأَثْنَوا عَلَيْهَا خَيرًا، فَقَالَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم): وَجَبَتْ، ثُمَّ مرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوا عَلَيْهَا شَرًّا، فَقَال النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم): وَجبَتْ، فَقَال عُمرُ بنُ الخَطَّاب: ما وَجَبَتْ؟ قَالَ: هَذَا أَثْنَيتُمْ علَيْهِ خَيرًا فَوَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ، وهَذَا أَثْنَيتُم عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أنتُم شُهَدَاءُ اللَّهِ في الأرضِ” ، أما قدم الصدق فيقول سبحانه : ” وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ” يُقال لفلان قَدمٌ راسخة في العلم أي: قدم ثابتة عالية ، وهي المنزلة الرفيعة يوم القدوم على الله (عز وجل) .
كما أكد معاليه أن الصدق جزء من صميم عقيدتنا ، وأن الإسلام عندما يطلب الصدق في الأقوال ، يطلب أيضًا الصدق في الأعمال ، وكما يُطلب الصدق من الأفراد يجب على الدول العظيمة أن تحافظ على صدقها ، فالدول الصادقة هي التي تحترم مُعاهداتها وعهودها ومواثيقها والتزاماتها وتفي بها دون لعب أو مواربة ، أما الدول الكاذبة فشأنها شأن الأفراد في الكذب والمراوغة ، فالدول العظيمة هي الدول الصادقة ، والدول الصادقة التي تفي بمعاهداتها ومواثيقها هي التي تبني حضارة حقيقية ، أما الدول التي لا تفي لا بعهود ولا بالتزامات فلا بقاء لها وإن غرها ما غرها من أمرها العارض.
موجهًا معاليه رسالة لمن يقتاتون على الكذب من أبواق الضلال ، وأهل الشر ، بئس القوت وبئس الخلق ، وأن الكذب شرٌ كله ، وأن المال الذي يكتسبونه من ترويج الشائعات والافتراءات سُمٌّ قاتل.
وفي ختام خطبته أشار معاليه إلى أن الصدق جزء من الإيمان سواء كان على مستوى الأفراد أو على مستوى الدول ، حتى عرف بعضهم الإيمان بأنه قول الصدق مع ظنك أن الصدق قد يضرك ، وأن لا تقول الكذب مع ظنك أن الكذب قد ينفعك ، بإيمانك أن الأمر كله بيد الله ، ثم نبه على أننا مقبلون على شهر عظيم مبارك وهو شهر رجب ، وهو أحد الأشهر الحرم فلنكثر فيه من الطاعات ونعظم حرمة الله فيه بالكف عن أذى الخلق .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى