سلايدرمقالات

الدكتور مختار فاتح بي ديلي الباحث في الشأن التركي واوراسيا يكتب للشبكة العالمية للاخبار ” مدينة مرو التركمانية أرض شروق الشمس على طريق الحرير التي اختفي ذكرها من التاريخ

” مدينة مرو التركمانية أرض شروق الشمس …على طريق الحرير التى اختفى ذكرها من التاريخ “
الدكتور مختار  فاتح بي ديلي
طبيب- باحث في الشأن التركي وأوراسيا
من هذه الأرض تشرق الشمس.. من هنا تشرق الحضارة؛ فكانت بلاد «خُراسان» أي أرض شروق الشمس في زمان لم تكن فيه الحدود السياسية واضحة وحادة كاليوم؛ كان هناك إقليم يتلألأ في آسيا الوسطى يُعرف باسم بلاد «خُراسان» هذه البلاد كانت مٌقسمة مدنه وقراه اليوم بين أكثر من دولة (تركمانستان وأفغانستان وإيران واوزبكستان وكازاخستان) ومدينة «مرو» واحدة من أهم مدن هذا الإقليم.
مدينة لها صيت ذائع وتاريخ عريق تمتد جذوره إلى ما قبل الميلاد..
مَرْو أو كما تعرف قديمًا بمرو الكبرى ؛ أو مرو الشاه جان المدينة القديمة التاريخية المدمرة في تركمانستان حاليا – تمييزًا لها عن مرو الروذ وهي الآن عاصمة منطقة ماري في تركمانستان -وماري تحريف لمرو – ويقدر عدد سكانها حاليا 123,000 نسمة، تقع مدينة مرو على ضفاف نهر المرغاب.
ولكن في القرنين الثاني عشر والثالث عشر كانت تعد واحدة من أكبر المدن في آسيا وكانت عدد سكانها تقدر حوالي 700 ألف نسمة.
أطلق المؤرخون اسم مرو مجردًا فهم في الغالب يقصدون مرو الشاه جان لا مرو الروذ. ومعنى مرو باللغة الفارسية المرج ظن بعض المؤرخين والبلدانيين أنها سميت مروًا لوجود حجارة المرو بها ، والشاه جان تعني روح الملك أو نفس الملك فبذلك يكون اسمها بالعربية مرج نفس الملك.
كانت المدينة العاصمة الشرقية لسلطنة السلاجقة (1037 – 1194 م) والتي كانت تغطي مساحة شاسعة النطاق تمتد من غرب الأناضول والمشرق العربي إلى جبال هندوكوش في الشرق، ومن آسيا الوسطى إلى الخليج العربي في الجنوب..
ما يسمى اليوم بـ ميرف القديمة هي كانت بقايا لخمس مستوطنات سكانية كبيرة وكانت بمثابة عاصمه لكثير من الامبراطوريات في عصور مختلفة وتنتشر فيها الكثير من بقايا القلاع التاريخية منها :
سلطان قلعة وجيور قلعة وإرك قلعة وعبد الله خان قلعة وبيرماليخان قلعة.
حيث كانت واحة المرقاب مكتظة بالسكان في العصر القديم.
وفي عام 1221م؛ عانت «مرو» من هجوم غاشم ومباغت بقيادة تولوي بن جنكيزخان؛ فكانت نكبة على المدينة وتحضرها. وكانت هذه الضربة كفيلة بتوقف الحياة والحراك الحضاري فترة ليست بقليلة، لم تستطع بعدها «مرو» أن تستعيد مكانتها ورونقها بشكل كبير إلا في أيام الأمير تيمور في القرن الخامس عشر الميلادي. وذلك وفقًا لما أورده عنها المؤرخين المعاصرين وعلى رأسهم حمد الله المستوفي الذي ذكرها في كتاباته في منتصف القرن الرابع عشر الميلادي؛ واصفًا إياها بأن الخراب ما زال مسيطرًا على أغلب أنحائها.
 تولوي (1191-1232) هو الابن الرابع لجنكيز خان الذي كان يتمتع بسمعة طيبة لمهاراته العسكرية ، وكان ناجحًا للغاية كجنرال ،حيث دخل ميرف وذبح جميع سكانها تقربيا ، وأسر الباقي ونهبت الأموال والأمتعة انهزم المسلمون، وفتح الطريق إلى مدينة مرو ذات الأسوار العظيمة ، وكان بها من السكان ما يزيد على 700 ألف مسلم من الرجال والنساء والأطفال… وحاصر المغول المدينة لأربعة أيام، وفي اليوم الخامس.. !
أرسل تولوي قائد الجيش المغولي رسالة إلى حاكم مرو طلب منه فيها فتح الأبواب والخروج إليهم وفي المقابل يجعلونه أميرا عليها ويرحلون عنها !
فصدق أمير مرو ما قاله القائد تولوي، وتوهم ذلك وخرج إليهم، فاستقبله استقبالا حافلا .وطلب منه في خبث ودهاء أن يخرج له أصحابه ورؤساء قومه لينظر المغول من يصلح لرفقته، فأرسل الأمير المخدوع إلى معاونيه ونفذ ما طلب منه، وخرج وفد كبير ولما تمكن المغول  منهم أمسكوا بهم.
ثم طلبوا منهم أن يكتبوا قائمتين كبيرتين :
الأولى : تضم أسماء كبار التجار وأصحاب الأموال في المدينة.
الثانية : تضم أصحاب الحرف والصناعات المهرة.
وبعد ذلك أمر تولوي  أن يخرج جميع من في البلد، فخرجوا جميعا، ثم جاءوا بكرسي من ذهب قعد عليه تولوي بن جنكيز خان .
أن يأتوا بأمير البلاد وبكبار القادة فيقتلوا جميعا أمام أهل البلد !
وبالفعل حدث هذا الأمر والناس ينظرون ويبكون.
إرسال أصحاب المهن والحرف إلى منغوليا للاستفادة من خبراتهم هناك.
إخراج الأغنياء وتعذبيهم حتى يخبروا عن كل ما لهم، ففعلوا ذلك ومنهم من كان يموت من التعذيب.
دخول المدينة وتفتيش البيوت بحثا عن المال والمتاع، واستمر هذا البحث 3 أيام ومن ثم أمر في النهاية بقتل أهل البلد أجمعين.
وقد أمر ابن جنكيزخان بعد أن قتلوا جميعا أن يتم إحصاء القتلى، فكانوا نحو 700 ألف قتيل ليختفي بذلك ذكر مدينة مرو من التاريخ.
يعتبر هذا الحدث أحد أكبر عمليات الإبادة الجماعية في تاريخ الانسانية.
هناك العديد من المدن القديمة في آسيا الوسطى التي يزيد عمرها عن اكثر من 2000 عام. بعضها موجوده ويزدهر حتى اليوم ، وبعضها الآخر تمت تدميرها بسبب الغزوات والكوارث الطبيعية تمت التخلي عنها وتحويلها إلى مدن أنقاض. من بين هذه المدن التي لها خاصية ربما لانها الأقدم – هي مدينة ميرف التاريخية .
كانت ذات يوم أكبر مدينة ليس فقط في آسيا الوسطى ، ولكن في جميع أنحاء العالم. الوقت المحدد لظهور هذه المدينة غير معروفة بالضبط ، ولكن تم ذكره في افيستا ، الكتاب المقدس للزرادشتيين (القرنين الثامن والسادس قبل الميلاد). إلى جانب ذلك ، تم العثور على آثار لمباني دينية ليس فقط للزرادشتيين والمسلمين ، ولكن أيضًا للآثار البوذية والمسيحية في هذه المدينة التاريخية .
يبدأ تاريخ ميرف منذ أربعة آلاف عام ، عندما ظهرت أول مستوطنة بشرية على ضفاف نهر المرغب. ومع ذلك ، فإن الوقت المحدد لانشاء هذه المدينة على موقع القرية غير معروفه ، لذلك من المعتاد حساب عمر المدينة من القرن السادس قبل الميلاد.
في ذلك الوقت كانت تعرف باسم مرو أو مرغو . وفي وقت لاحق ، ظهرت اختلافات في التسمية مثل مارغيانا  او مارغوش .
في مطلع الألفية ، أصبحت ميرف أكبر مدينة تمر من خلالها طرق التجارة العالمية في جميع الاتجاهات – إلى أوزبكستان الحالية وأفغانستان وإيران والهند وبلدان أخرى. خلال مدة زمنية طويلة من تاريخها، كانت مدينة ميرف في موقع متميز حيث كانت على مفترق طرق التجارة العابرة للقارات التي تجري على طول طرق الحرير، وفي القرن الثاني عشر الميلادي كانت مدينة مشهورة تجذب التجار والعلماء والمسافرين القادمين من مناطق بعيدة
كان المصدر الرئيسي لازدهار ونمو مدينة ميرف هو موقعها الجغرافي في الدلتا الداخلية لنهر مورغاب، والذي يتدفق من مصدره ي جبال هندوكوش شمالًا عبر صحراء قره قوم.
أعطى هذا الموقع مدينة ميرف ميزتين فريدتين، الأولى، أنها قدمت طريقًا سهلًا جنوب شرق-شمال غرب من المرتفعات الأفغانية نحو الأراضي المنخفضة في قره قوم، ووادي أمو داريا، ومنطقة خوارزم.
ثانيًا، كانت دلتا مورغاب، بكونها منطقة كبيرة ذات مياه جيدة في وسط صحراء قارقوم الجافة، بمثابة نقطة توقف طبيعية على طرق الحرير من شمال غرب الهضبة الإيرانية نحو ترانسوكسينا.
على هذا النحو، كانت المدينة مكانًا متميزا للراحة على طرق الحرير التجارية منذ وقت مبكر يعود الى سلالة هان (206 قبل الميلاد – 220 م)، حيث كانت ملاذ أمن يمكن للتجار الحصول على خيول جديدة أو جمال لرحلاتهم القادمة إلى الصين.
كانت المدينة محاطة بالعديد من قنوات المياه والجسور، ومليئة بالحدائق والبساتين، حيث كانت مدينة ميرف في القرن الثاني عشر والواحة المحيطة بها خضراء ومزروعة بشكل غني، ومنطقة مرحب بها من رتابة صحراء قره قوم.
تم تصميم الجدران المحيطة بالمدينة في دائرة مستطيلة من خمسة أميال، تقطعها أبراج حماية وأربعة بوابات رئيسية. كانت شوارعها ضيقة ومتعرجة، مزدحمة بالمنازل المبنية بشكل وثيق مع موجود البنايات الكبرى أحيانًا مثل المساجد والمدارس والمكتبات والحمامات.
عند الوصول إلى مدينة ميرف، يمكن للتجار الزائرين إيواء حيواناتهم في فناء مفتوح يوجد ضمن دور الراحة ذوي الطابقين المخصصة للقوافل. هنا يتلاقى التجار مع بعضهم البعض القادمين من مناطق مختلفة على طول طرق الحرير بما في ذلك شبه القارة الهندية والعراق وغرب الصين.
في بداية تاسيسها، عاش الزرادشتيون في المدينة ، ثم جاء البوذيون ، وفي القرن الثالث انضم إليهم المسيحيون. في القرنين السابع والثامن ، جاء المسلمون إلى هنا ونشروا الديانة الاسلامية الحنيفة السائدة الان . على الأرجح ، يعد مسجد بني مخان الذي يعود تاريخه إلى القرن الثامن ، والذي يقع في مدينة ميرف ، من أوائل المساجد في آسيا الوسطى.بالإضافة إلى كون المدينة نقطة توقف للراحة، كانت أيضًا مركزًا للإنتاج والتجارة.
خارج بوابات المدينة كانت هناك أسواق كبيرة، وأفران الخزافين، وأفران صناعة الصلب التي تنتج الوعاء الخاص بصهر المعادن والتي كانت تشتهر بها المدينة أيضًا.كما كان في ضواحي المدينة “البيت الثلجي”، وهو مبنى مخروطي طويل يجمع ويخزن فيه السكان المحليون الثلج خلال أشهر الشتاء مما أدى الى انشاء ثلاجة ضخمة الحجم من الطوب الطيني كما واشتهرت مدينة ميرف خلال فترة العصور الوسطى بصادراتها، وخاصة منسوجاتها كما لاحظ الجغرافي العربي في القرن الثاني عشر العالم الإدريسي؛ أن الكثير من الحرير والقطن عالي الجودة يأتي من تلك المدينة تحت اسم القطن الميرفي، وهو قطن ناعم للغاية .في الواقع، كان الجلباب والعمائم المصنوعة من قماش ميرف شائعة في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
واشتهرت ميرف بزراعة البطيخ الاحمر والاصفر المحبوب لدى سكان ميرف؛ حيث كتب ابن حوقل، المؤرخ العربي في القرن العاشر: إن ثمار مدينة ميرف أفضل من تلك الموجودة في أي مكان آخر، ولن يشاهد في أي مدينة أخرى مثل هذه القصور والبساتين والحدائق والجداول.
خلال الفترة السلطنة السلجوقية، اشتهرت ميرف أيضًا كمدينة للتعلم والثقافة، خاصةً للعلم والأدب. كما وأنتجت العديد من الشعراء البارزين وعلماء الرياضيات والفلكيين والأطباء والموسيقيين والفيزيائيين.
ذاع صيت المدينة في التاريخ الإسلامي كأحد مراكز الجهاد في بلاد ما وراء النهر، كما تكتسب أهمية أخرى كذلك في الأدب العربي حيث يضرب العرب بأهلها الأمثال في البخل فحين يقول العربي أنك من اهل مرو فهو يرمي إلى انك بخيل، دخل الإسلام بعدما فتحت على يد الأحنف بن قيس. بقيت مرو عاصمة لإقليم خراسان في عهد الخلافة الأموية ، وبالأخص في عهد ولاة خراسان الأمويين مثل المهلب بن أبي صفرة ويزيد بن المهلب وأمية بن عبد الله بن خالد وقتيبة بن مسلم الباهلي والجنيد بن عبد الرحمن المري وأشرس بن عبد الله السلمي ونصر بن سيار الكناني وغيرهم .
أعطى وصول المسلمون العرب دفعة جديدة للتطور التجاري والثقافي لمكتبات ميرف ، حيث ظهرت العديد من المؤسسات التعليمية هنا بكثرة ، وكان هناك تدفق كبير للهجرة من البلدان والمناطق المجاورة الى هذه المدينة. من المعروف أن الموسوعي عمر الخيام (1048-1131م) قضى عدة سنوات في العمل في المرصد الفلكي في ميرف أثناء تجميع جداوله ومعلوماته الفلكية. كما كان للموسوعي ياقوت الحموي (1179 – 1229م) دورا مميزا أيضا حيث أقام ياقوت في «مرو» ثلاثة أعوام يجمع مادة كتابه «معجم البلدان»؛ لأن مرو كانت قبل ورود المغول إليها مشهورة بخزائن كتبها،
 قام أثناء وجوده في ميرف بجمع المواد الخاصة ببحوثه الجغرافية بأنشاء ما لا يقل عن 10 مكتبات مهمة في المدينة، بما في ذلك مكتبة ملحقة بمسجد كبير تحتوي على حوالي 12000 مجلد مختلف.وكان يتمنى البقاء فيها لولا دوخول المغول إليها، ففارقها إلى خوارزم، فلبث فيها شهورا، ثم فارقها إلى إربل، ولم يطب له المقام فيها، فتركها إلى الموصل.
اكتسبت مرو أهميتها عندما أعلن أبو مسلم الخراساني بدء السلالة العباسية في مرو، فأعادت تأسيسها واُستخدمها كقاعدة لبدأ التمرد على الخلافة الأموية. بعد استقرار العباسيين في بغداد، استمر أبو مسلم في حكم مرو كأمير شبه مستقل حتى اغتياله في نهاية المطاف.وكذلك كانت مركز خراسان أيام أن كان المأمون فيها، واستمرت كذلك إلى أن نقل الطاهريون مركز خراسان إلى نيسابور، وأطلق عليها البعض أنها «أم القرى» لخراسان.
كان الخليفة المأمون قد نشأ وتربّى في مدينة مرو قبل أن يتسنّم سدّة الخلافة، قال عنها: يستوي الشريف والوضيع من مرو في ثلاثة أشياء، الطبيخ النارنك والماء البارد لكثرة الثلج فيه والقطن اللين”….وبمرو الرّزيق بتقديم الراء على الزّاي والماجان وهما نهران كبيران حسنان يخترقان شوارعها ومنهما سقي أكثر قراها.
كانت مرو قاعدة خراسان كذلك في أيام السلجوقيين وصدر الإسلام، عظم شأنها أيام السلاجقة، حيث جعلوها أولى المدن مرة، قال الحموي: «وقد كان السلطان سنجار بن ملك شاه السلجوقي مع سعة ملكه، قد اختارها على سائر بلاده، وعاش بها إلى أن مات، وقبره بها في قبة عظيمة، ومن الصحابة الذين دفنوا في مرو ، وما زالت أضرحتهم ظاهرة، أبرزهم:
بريدة بن الحصيب الأسلمي
أبو برزة
قريط بن أبي رمثة
الحكم بن عمرو الغفاري
ومن العلماء الذين ولدوا أو نشأوا بها:
عبد الله بن المبارك.
أحمد بن حنبل هناك رواية تقول أن ولادته كانت بمرو، لكن الأرجح أنه وُلد في بغداد.
إسحاق بن راهويه المروزي ثم ذهب لنيسابور.
بشر بن الحارث الملقب بالحافي.
 عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي رواد الأزدي العتكي المروزي. الشهير بقلب عبدان.
سعيد بن منصور الخراساني مؤلف كتاب السنن أصله من مرو وانتقل إلى جوزجان
محمد بن نصر المروزي.
أبو بكر القفال كان قفالا ثم اتجه إلى الفقه بعد أن صار عمره 30 سنة.
أبو حمزة السكري
أبو المظفر السمعاني
عبد الرحمن الخازني المكنى بأبي الفتح؛ هو العالم المسلم الفيزيائي والأحيائي والكيميائي والرياضي والفيلسوف الذي تأثر بالفلسفة الإغريقية البيزنطية؛ عاش بصحة وبنية قويتين ما بين عامي 1115 و 1155م.
لعدة قرون،وبفضل موقعها الاستراتيجي المميز على طرق الحرير، تطورت ونمت مدينة ميرف في القرن الثاني عشر لتصبح مدينة كبرى ومزدهرة تشتهر بأنها كانت نقطة توقف لراحة التجار بالإضافة الى كونها مركز إنتاج وتصدير في حد ذاته.ليس ذلك فحسب، بل أصبحت مركزًا أكاديميًا نابضًا بالحيوية جذب الأشخاص من جميع أنحاء المنطقة الذين كانوا يتطلعون إلى المشاركة في التعلم وتبادل المعرفة والخبرة في مجالات الرياضيات والفلك والأدب. أصبح ضريح السلطان سنجار المهيب ، الذي بدأ بناؤه عام 1157 ، نصبًا تذكاريًا لعظمته السابقة.
ولكن مدينة ميرف بعد تطورها العظيمة جاءت الضربة القاضية لتخريبها. في عام 1141 ، نهب ودمر الخوارزميون مدينة ميرف ، الذين استولوا على المدينة بالكامل فيما بعد. وفي عام 1221 دمر المغول مدينة ميرف ونظام الري الخاص بها بالكامل. بعد تدمير السدود على نهر مرغب ، اندثرت المدينة.
بعد قرنين من الزمان ، أعاد التيموريون استعادة ميرف وريها الخاص ، لكنهم فشلوا في استعادة قوتهم السابقة.
في نهاية القرن الثامن عشر،تم تدمير ميرف مرة أخرى ولم يتم ترميمها منذ ذلك الحين.في وقت لاحق ، في نهاية القرن التاسع عشر ، ظهرت مدينة ماري الجديدة ، التي تقع على بعد 30 كم إلى الغرب.اليوم ، معظم ميرف عبارة عن رقعة صحراوية وحقول تمتد من بينها بقايا  جدران القلعة التي يبلغ طولها كيلومترًا واحدًا.
تضررت بعض الجدران القلعة بشدة بمرور الوقت بسبب العوامل الطبيعية من العواصف والرياح والسيول بحيث تبدو مثل أكوام طينية طويلة على الأرض. ومع ذلك ، تم الحفاظ على العديد من المباني ، والتي تم بالفعل إعادة بناء بعضها فيما بعد.
المدينة الحديثة انشأت في عام 1884 كمركز إداري للجيش الروسي. وتطورت عن طريق الاتحاد سوفييتي كمركز للمنتجات القطنية من خلال الاستعمال الواسع لهندسة الري. تعتبر المدينة الان رابع أكبر المدن في جمهورية تركمانستان، وأكبر مركز صناعي، للغاز الطبيعي حيث أنه في عام 1968م تم اكتشاف احتياطات هائلة من الغاز الطبيعي على بعد 20 كيلومتر غرب المدينة. وتشتهر كذلك بصناعات القطن، وهي مركز تجاري للقمح وجلود الحيوانات والصوف.
 أكثر المباني المهيبة والجميلة في ميرف الان هو ضريح السلطان سنجار ، حيث يبلغ ارتفاعه 38 مترًا.في عام 1999 ، تم إدراج أثار ميرف القديمة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي.
«مرو» .. نقطة مضيئة في بلاد خُراسان وطريق الحرير الدولي، وما زالت تسعى على الدرب صامدة أمام منعطفات التاريخ وتغيراته، شاهدة على فترات مجد وقوة، ووهن وضعف لم يعقبه أبدًا استسلام؛ بل سعي مستمر للأفضل.
المصادر
 1-كتاب «صورة الأرض» لابن حوقل، و«الجغرافيا» لابن سعيد المغربي.
 2-الصعب, هيثم سعد، “مرو الشاهجان ومرو الروذ”، مدونة هيثم الصعب، مؤرشف من الأصل في 26 مارس 2020.
 3-«معجم البلدان».
4-الكامل في التاريخ-ابن الأثير
5- موقع يونيسكو الكتروني قسم البحوث UNESCO
6-كتاب “الجغرافيا التاريخية للقبيلة الذهبية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر”  للمؤلف فاديم ليونيدوفيتش إيجوروف من أكاديمية العلوم التابعة لمعهد تاريخ اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية.
7-محمد صالح المنجد (2013-07-31), مدينة مرو, مؤرشف من الأصل في 17 يونيو 2014
8-موسوعة:تركمانستان
9-مقالة الدكتور مختار فاتح بي ديلي “جمهورية تركمانستان جنة الارض المنسّية.. سحر وجمال الطبيعة لم يُكتشف بعد”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى