أخبار عالميةتحقيقات وتقاريرسلايدر

جمهورية اوزبكستان على صفيح ساخن وناقوس الخطر يدق الآن

 

الدكتور مختار فاتح بي ديلي
طبيب – باحث في الشؤون التركية وأوراسيا

المعطيات الراهنة تؤكد على أن جمهورية أوزبكستان في أسيا الوسطى يسير في حقل الألغام مغمض العينين، حيث أن الاحتجاجات المتنامية في جمهورية قره قالباكستان، والتدخلات القمعية لقوات الأمن، الاعتقالات التعسفية، الأحكام القضائية القاسية والمجحفة في حق الحراك الشعبي للمحتجين، الصمت اللامنطقي للمسؤولين وأصحاب القرار، السجالات بين مؤيدي التعديلات الدستورية ومعارضيه، والسخط والاحتقان الشعبي جراء الأوضاع المزرية. كلها مؤشرات تشير إلى أن أوزبكستان يخطو خطوات عمياء نحو المجهول، نحو نقطة اللاعودة في قلب أسيا الوسطى.
وضع جمهورية قره قالباكستان ذات الحكم الذاتي في داخل جمهورية أوزبكستان أحدى جمحوريات أسيا الوسطى ، حيث تم استبعاد مادة الاستقلال والانفصال السيادي قره قالباقستان وحقها في الانفصال عن جمهورية أوزبكستان في النسخة الجديدة من الدستور المطروح للاستفتاء.

قره قالباكستان هي جمهورية داخل أوزبكستان. يحتوي الدستور الاوزبكستاني الحالي على المادة 17 من الدستور البلاد المخصص بالكامل لهذه الجمهورية الذي يتمتع بالحكم الذاتي.
تنص الأطروحتان الرئيسيتان في القسم على أن قره قالباكستان جمهورية ذات سيادة وأن لشعب هذه الجمهورية الحق في الانفصال عن أوزبكستان على أساس استفتاء عام لشعب قره قالباكستان ذات اصول من القبائل التركمانية. هذه الفقرة أزيلت في النسخة الجديدة من الدستور أوزبكستان ، والتي تسببت في غضب عارم لدى سكان هذه المنطقة ، وفقا لتقارير الواردة من هناك. عبر سكان جمهورية قره قالباكستان بعدم الموافقة على التعديلات الجديدة الوارده في الدستور البلاد الجديد عبر الشبكات التواصل الاجتماعية والقنوات التلفزة المحلية. وتم إغلاق الكثير من تلك القنوات الاعلامية وفي عاصمة الجمهورية ، مدينة نوكوس ، انخفضت سرعة الإنترنت كثيرا في الكثير من المناطق وقطعت الاتصالات في مناطق اخرى.
أعرب معارضون السياسيون من جمهورية قره قالباكستان عن عدم موافقتهم في التعديلات الواردة في النسخة الجديدة من الدستور ، لكن السلطات الحالية ، بما في ذلك الرئيس الاوزبكستاني ميرزيوييف ، يفضل عدم التحدث عن ذلك حتى الان.
ويعارض قره قالباك الذين يعيشون في جمهورية كازاخستان أيضًا هذه التعديلات.كما يقول ممثلو الشتات المحلي بأن الاستفتاء القادم قد يحرم بلادهم من السيادة المستقبلية الذين يطمحون بها.
وبحسب المحتجين ، بان السلطات الأوزبكية الآن تعمل على حجب وصول الإنترنت في قره قالباك وبالتالي تحرم السكان المحليين من فرصة التعبير بالحرية عن رؤيتهم العلانية في الاحتجاجات التي تحصل حاليا في تلك المنطقة. اضطر النائب السابق لرئيس منظمة شؤون الشباب في قره قالباكستان ، كوشكارباي توريموراتوف ، لمغادرة أوزبكستان ليس لأسباب سياسية ،بل لأسباب اقتصادية.على الرغم من أن عائلته بأكملها يحملون الجنسية الكازاخستانية منذ فترة طويلة ، إلا أن كوشكارباي نفسه لم يحصل بعد على جواز سفر كازاخستان.بسبب وجود سجل جنائي له لعبوره حدود الدولة بشكل غير قانوني ،يعتبر كوشكارباي هذه القضية ذات اسباب ودوافع سياسية لمغادرته أوزبكستان.
في عام 2014 ، بعد أحداث الميدان في أوكرانيا ومن ثم تلاه ضم شبه جزيرة القرم من قبل روسيا ، بدأت المحادثات والنقاشات في قره قالباكستان ،حول انفصال محتمل عن أوزبكستان في المستقبل.
يقول كوشكارباي توريموراتوف لقد سعينا إلى تسجيل جمعية قره قالباك الثقافية في جمهورية كازاخستان وأن نكون جزء من شعوب كازاخستان ، وعندما ذهبت إلى أوزبكستان لزيارة والدتي ، تم اعتقالي هناك من قبل السلطات المحلية. اتهمتنا السلطات الاوزبكية بأننا نحاول الشروع في انضمام قره قالباكستان إلى جمهورية كازاخستان .

بالمناسبة يضمن الدستور الحالي لأوزبكستان السيادة لقره قالباكستان.
وقد يكون للجمهورية الحق في الانفصال عن طريق إجراء استفتاء شعبي في منطقتهم.لكن في النسخة الجديدة من القانون الأساسي ، لم تعد هذه البنود موجودة. وفي الوقت نفسه ، لاحظت لجنة إصلاح الدستور أن التغييرات المتعلقة بقره قالباكستان قد تم تطويرها من قبل المجلس الأعلى الخاص بها.

يقول كوشكارباي توريموراتوف لقد كتبت نقابة المحامين في قره قالباكستان إلى جميع الجهات الحكومية
– من المجلس الاعلى الى وزارة الداخلية
– لمعرفة ما إذا كانت سلطات الجمهورية هي التي بادرت بالفعل بهذه التعديلات ولم تأت إجابة واحدة على الإطلاق من جميع المؤسسات الحكومية.
وأن نواب برلماننا يقولون أن كل شيء على ما يرام ، وإن الناس أنفسهم لا يعترضون على التعديلات ،ونزول الناس إلى الشوارع للتعبير عن احتجاجهم بسبب تلك التعديلات حق طبيعي للجميع بالتعبير عن أرائه بشكل ديمقراطي حر. بالمناسبة ، تم قبول قره قالباك ، الذين غيروا جنسيتهم ، من الاوزبكية الى الكازاخستانية في مجلس الشعب البرلمان لجمهورية كازاخستان ، وكان لديهم مركزهم الإثني والثقافي في العاصمة الكازاخية.
ممثلوا تلك الجمعيات لم يصرحوا بأية تصريحات سياسية صاخبة حول الاحتجاجات، لكنهم يأملون أن ألا يؤدي الوضع الحالي إلى إراقة دماء في وطنهم الأم أوزبكستان.
تم افتتاح خط ساخن وموقع إلكتروني خاص في أوزبكستان ، يمكن لأي شخص تقديم مقترحاته حول الاستفتاء.

ومع ذلك ، لا يمكن القيام بذلك إلا أثناء التواجد داخل جمهورية أوزبكستان. يقول ممثلو الشتات قره قالباك إنهم غير قادرين على التأثير بطريقة ما على الوضع ، ومؤخراً لا يمكنهم حتى الاتصال بأقاربهم وأصدقائهم بعد أن تم حظر الإنترنت في أراضي جمهورية قره قالباكستان.

وفي النهاية ، لابد من الإشارة إلى أن من حق الشعب جمهورية قره قالباكستان ذات الحكم الذاتي خاصة وجمهورية أوزبكستان عامة التظاهر السلمي، وهو حق يضمنه جميع الدساتير. والتأكيد على ضرورة الاحتجاج السلمي وعدم تحكيم منطق العنف، وعلى ضرورة الاتحاد، شعبا واحدا وجسدا واحدا للمجتمع الاوزبكي بكل أطيافهم، بعيدا عن الاعتبارات العرقية واللغوية والجغرافية، والوقوف وقفة رجل واحد أمام رموز الفساد والاستبداد، وناهبي المال العام، بلا هوادة ، حتى تتحقق العدالة الاجتماعية التي تضمنها الدستور الوطني بشكل عادل، وعدم الانزياح نحو السجالات والنزاعات الفارغة ، الشيء الذي قد يغير مسار المظاهرات ويثنيها عن مقصدها وهدفها السامي في التعبير السلمي حول التغييرات في دستور البلاد الجديد. إضافة إلى ضرورة احترام رموز السيادة للدولة مثل العلم الوطني لجمهورية أوزبكستان ، ودون مزايدة على أمنه واستقراره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى