تحقيقات وتقاريرسلايدر

ثورة النساء هزت اركان النظام في ايران بعد مقتل مهسا اميني

 

الدكتور مختار فاتح بي ديلي
باحث في الشان التركي وأوراسيا

رغم ان الشابة الإيرانية من الأصول الكردية لم تكن بثائرة ضد نظام الابراني في طهران، ولم تنتمِ إلى جهة ومحيط معادٍ لهذا النظام، ولم تكن تدري أن عدم تغطية كامل رأسها بالحجاب سيلفت نظر رجال الأمن شرطة الاخلاق المنتشرون في شوارع الايرانية بالباس المدني سُحبت هذه الشابة من شوارع طهران وتم نقلها الي مركز إعادة تثقيف الاجتماعي والديني لتلقي دروس في الاحتشام، ولكنها بعد ثلاثة أيام في غيبوبة ماتت، وزُعم شهود بأنها تعرضت للاعتداء داخل سيارة الشرطة التي نقلتها إلى مركز الاحتجاز.
كالعادة في كل مرة نفت الحكومة أية مسؤولية عن وفاة “مهسا أميني” البالغة من العمر 22 عاما ما دفع الالاف من جموع الشعب الايراني بكل أطيافهم الى الاحتجاج والتظاهر في شوارع المدن الايرانية وفي قم المقدسه مرقد الامام الخميني .

حيث لا شكّ في أنّ النظام في إيران فوجئ بحجم ردود الشعبية على مقتل مهسا داخل مركز الشرطة الأخلاقية في العاصمة طهران. وأتساع رقعة الاحتجاجات التي شملت مدناً في الجهات الجغرافيا الإيرانية الأربع. حسب منظمات حقوق الإنسان الإيرانية ، إن هناك اكثر من 95 شخصًا على الأقل لقوا مصرعهم خلال التظاهرات في المدن الايرانية.

المدن الايرانية بشكل عام اصبحت وكما يقول البعض مدينة واحدة في وجه نظام الجمهورية الاسلامية الحاكم ، الكل ينادي في ثورية ضاغطة بسقوطه،ووفقا للتقديرات الدولية الشعب يعيش تحت خط الفقر الان!

خرج الشعب الايراني من القرى النائية ومن مدرجات جامعة طهران في العاصمة ، تقود النساء التظاهرات في مقدمة الاحتجاجات ويجمعون الحشود وبدأت النساء الإيرانيات في خلع الحجاب كوسيلة للانخراط في العصيان المدني ردًا منهن على وفاة مهسا؛ حيث قام بعضهن بحرق الحجاب في أماكن عامة، بينما قامت أخريات بحلق رؤوسهن أو قص شعرهن، يبدو ان مهسا (زينة) أميني لم تقف طويلا امام مقولة عطاء الله مهاجراني وزير الثقافة الايراني الاسبق ان الحرية كالزجاجة الرقيقة عليك ان تحملها برفق حتى تبقي سليمة الي ان تصل الي حيث نأمل.

حسب الفيديوهات، التي تنشرها النشطاء على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي، إلى عجز الأجهزة الأمنيّة عن لجم حجم الانتفاضة الشعبية حيث، تحوّلت المقرّات الأمنية أهدافاً للمتظاهرين الذين سيطروا عليها وأحرقوها، من دون تمييزهم بين قوات الشرطة أو التعبئة (الباسيج) أو حرس الثورة، ولم تسلم منهم صور المؤسّس والمرشد.
لا يزال النظام يتعامل مع الأحداث الجارية بمنطق الاستيعاب وترك الأمور تأخذ حجمها، في انتظار الوقت المناسب لشنّ هجومه المعاكس، على غرار ما فعله مع التحرّكات السابقة التي كانت أكثر خطورة وواضحة الخلفيّات السياسية، ومنها الحركة الخضراء سنة 2009 والتي استمرّت 8 أشهر.

القيود الاجتماعية على المجتمع الايراني بكل أطيافهم هي الأحدث في موجة من الإجراءات المصممة لدعم وجود نظام الايراني منذ وصول علي خامنئي لسدة منصبه في إيران حيث قام آية المرشد الإيراني بتطهير نظامه من الإصلاحيين وعزز جميع فروع الحكومة تحت حكم متعصبين موثوق بهم بقيادة الرئيس الايراني إبراهيم رئيسي الذي شجع ما يسمى بشرطة الأخلاق على قمع النساء من خلال إصدار مرسوم “الحجاب والعفة”، الأمر الذي تسبب في زيادة انتهاكاتهم ضد الجميع .

الحقيقة التي تثبتها ثورة النساء في إيران حالياً أنّ هذا الحراك الشعبي لا رأس له، ولا يعترف بكلّ القوى السياسية المعارضة، سواء في الداخل الإيراني أو الخارج ,على خلاف الحركة الخضراء التي تمكّنت الأجهزة من السيطرة عليها بالضغط على زعيمَيْ الحركة مهدي كرّوبي ومير حسين موسوي وما يقوم به المحتجون حالياً هو التعبير المباشر عن تراكم المطالب والظلم والتهميش والغضب من ما تعرّض له المجتمع الإيراني من قمع على مدى العقود الماضية.
الانتفاضة الشعبية الجارية هي الخامسة من نوعها منذ «الحركة الخضراء» عام 2009، التي اندلعت نتيجة قناعة قطاعات إيرانية واسعة بأن المرشد أطاح بالفائز مير حسين موسوي لصالح ترئيس محمود أحمدي نجاد عنوة.

إلى أين ستصل الأمور في ايران هذا سؤال صعب لا نملك إجابه ولكن يمكننا القول إن هناك تراكم مهم يحدث الآن صدامات المباشرة بين رجال دين وشبان غاضبين حول موضوعات اقتصادية أو اجتماعية تتزايد بسرعة، وهناك تحول جذري يحدث الان بسبب تسييس الدين، والفجوة الضخمة بين دروس الأخلاق، وأخلاق رجال الدين المسيئة،أخيرًا إن رجال الدين أنفسهم ليسوا من طبقة واحدة في ايران، فبعضهم الطبقة الفقير للغاية، والبعض الآخر ثري جدا.
اللافت للإنتباه، في هذه الموجة من التظاهرات، هو الانقسام العلني بين النخب وانحياز عدد من الشخصيات إلى الشارع، وهو ما انعكس في حالات الاعتقال التي طالت عددا من الصحفيين والناشطين الاجتماعيين.
لحظة الشرارة التي اشعلتها وفاة مهسا أميني، أخرج الشعب الايراني ما في صدورهم من غضب بطريقة عنيفة لا تشبه الشخصية الإيرانية المشهورة بالهدوء وطول الأناة.
أن المأزق كبير، وقد يكون أكثر دموية في حال اشتعال شرارات أخرى، يغذي الإنكار جذوتها في ظل شح المراجعات والتعديلات المطلوبة اجتماعيا، وهو الشبيه بشحّ بحيرة أرومية التي شحّت وجفّت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى