تحقيقات وتقاريرسلايدر

اللوسينيا ” رغم فوائدها.. وسرعة نموها.. والترويج لزراعتها

 

” البحوث الزراعية ”  يدق ناقوس الخطر .. ويوصي بعد إنتشارها

د . رمضان محمد :  لا تصلح كحزام شجري للمزارع والمدن العمرانية في الصحراء

د. مها فاروق : تهدد التنوع الحيوي والمياه الجوفية .. وعبئا علي تكاليف الإنتاج

هشام محمد علي :  أبحاثنا نجحت في تدوير مخلفاتها .. ونوصي بتوظيف أماكن زراعتها

 

شجرة اللوسينيا توطنت في مناطق كثيرة من العالم الإستوائية وشبة الإستوائية في إفريقيا وآسيا وأستراليا ، كما تعد المكسيك وأمريكا الوسطي الموطن الأصلي لها ، وهي من الأشجار التي دائما ما تقع عليها أعيننا في الطرقات ، وفي الشوارع ، وفي الحدائق وعلي الترع والمصارف كما قد تجدها أمامك عندما تنظر من شرفة منزلك ؛ فهي منتشرة في كل مكان نظرا لنموها وتكاثرها السريع ، وعلي الرغم من فوائدها ، وسرعة نموها ، والترويج لزراعتها في الآونة الأخيرة دق البحوث الزراعية ناقوس الخطر وأوصي بعدم إنتشارها
وتركها للعشوائية التي تتسبب في الإضرار بالتنوع الحيوي ومصادر المياه الجوفية ،
علاوة علي تحذيرات الإتحاد الدولى للحفاظ على الطبيعة من زراعتها  ” الشبكة العالمية للأخبار ” تستطلع آراء الخبراء والباحثين حول أضرار شجرة اللوسينيا علي البيئة ووضع الحدود والشروط عند الرغبه في زراعتها لتحقيق الإستفادة منها  .

تحقيق / محمد نبيل

‏‪ تقول الدكتوره  مها فاروق رئيس قسم الغابات والأشجار الخشبية –  معهد بحوث البساتين مركز البحوث الزراعية إنه على الرغم من الخصائص المفيدة لهذا النوع الشجرى ”  اللوسينيا ” إلا أنه يغزو بشكل أساسي جوانب الطرق والأراضي البور والأراضي المزروعة وضفاف الأنهار وحواف الغابات ، ويثبط نمو الأنواع الخشبية والعشبية الأخرى ؛  ولذا فهي تؤثر بشكل سيئ على التنوع الحيوي ؛ مما يتبعه تأثير على أنواع نباتية آخرى ، والتي قد يؤدى إلى أنقراضها حيث يحل محلها ويطغى عليها  ، موضحة أن إنقراض الأنواع الهامة والإقتصادية يعرض صحة الإنسان والأمن الغذائي وسبل العيش للخطر ، كما تشكل الثمار عند تساقطها مخلفات كثيرة وينتج عنها بادرات عديدة ، وهي عرضة للإصابة بالحشرات .

كما يمكن للأنواع الغريبة الغازية أن تقلل من قدرة الموائل الطبيعية ”  الكائنات الحية بما فيها النباتات ” ، والنظم الزراعية والمناطق الحضرية على التكيف مع تغير المناخ ، وعلى العكس من ذلك يقلل تغير المناخ من مقاومة الموائل للأنواع الغازية الحيوية.

وأشارت مها إلي إنتشار هذا النوع الشجري بصورة كبيرة وسرعة متزايدة في السنوات الأخيرة، في كل مكان سواء في الشوارع وجوانب الطرق والحدائق والبساتين والحقول والمشاتل ، وأصبح التخلص منها يضيف عبئ على تكاليف الإنتاج ، إضافة إلى تأثيرها على التنوع الحيوي ، منوهه إلي أن مثل هذه الأنواع الغازية أضرارها أكثر بكثير من فوائدها وتكلف الكثير في التخلص منها وتنافس الحاصلات الغذائية الضرورية على المواد الغذائية والمياه المتاحة نظرا لتعمق جذورها ؛  فعلي الرغم من أنها تجلب العناصر الغذائية من طبقات الأرض العميقة إلى السطح إلا أنها في نفس الوقت تستنزف المياه الجوفية وتؤثر على مخزون المياه بسبب سرعة نموها ؛ مما يؤدى في النهاية إلى إحداث خلل في النظام البيئي.

كما  تؤثر اللوسينيا سلباً على تشجير المدن والريف والتنسيق في الحدائق العامة والنباتية نظرا لأنها تنمو تحت أي ظرف سواء من نقص مياه أو مغذيات فتسود على الغطاء النباتي وتشوه التنسيق ، كما تنافس العناصر النباتية التي تؤدى وظائف جمالية وتنسيقية وبيئية جيدة وتقضى عليها.

وأوضحت مها أنه علي الرغم من إستخدامات اللوسينيا كعلف للحيوانات لإحتواء الأوراق الخضراء على نسبة عالية من البروتين تتراوح ما بين 20 – 25  % ، كما تعد بديل للأعلاف في المناطق التي تتعرض إلى فترات طويلة من الجفاف إلا أنها تحتوي على قلويد سام “ميرنوزين” والذي قد يسبب مشاكل في الغدة الدرقية للحيوان أو غيرها من الآثار الجانبية الضارة عند التغذية عليها لفترة طويلة .

وشددت رئيس قسم الغابات والأشجار الخشبية  أن هناك حالة من التخبط والجهل تسود الشارع المصري وتعيق المنظومة البحثية من تأدية دورها البحثي التطبيقي القائم علي أسس علمية ودراسات محلية ودولية للأشجار التي يجب زراعتها وأماكنها والتوقيت المناسب ، وترتيبها مع الأشجار الآخري ، والمردود الإنتاجي والأقتصادي لكل منها ، وسلبياتها ، مشيرة إلى مبادرة ”  شجرها صح ” والذي أطلقها بحوث البساتين لمواجهة عدم الوعي وتجاهل البحث العلمي في إختيار أنواع الأشجار التي يجب زراعتها أثناء تنفيذ مبادرة الحكومه لزراعة ”  100 مليون شجرة  ” وتوجييها للطريق الصحيح  .

من جانبها لفت الدكتور رمضان محمد أستاذ الغابات والأشجار الخشبية – وكيل معهد بحوث البساتين – مركز البحوث الزراعية إلي أن أشجار اللوسينيا لا تصلح كحزام شجري للمزارع والمدن العمرانيه في الصحراء بعكس ما يشاع في الوقت الراهن ؛  لأنها ستقضي علي  النباتات داخل المزرعة ، وكذلك الأنواع الآخري التي يتم زراعتها للحزام ، كما أنها غير مقاومة للرياح ، مشيراً إلي أنها تستحوذ علي المنطقة التي تزرع فيها نتيجة تطاير بذورها وإنباتها بسرعة كبيرة ، كما تتسبب في مشاكل كبيرة عند زراعتها في أماكن زراعية حيث تعامل معاملة مقاومة الحشائش ، وبالتالي وجود صعوبة في مقاومتها  .

وتابع رمضان بوجود بدائل آخري لأشجار يمكن من خلالها تحقيق نفس الاستفادة من مخلفات اللوسينيا  فعلي سبيل المثال يمكن إستخراج أنواع للفحم الحيوي من مخلفات آخري كقشر الأرز ، وباجاس قصب السكر ، وغيرها  ، كما يمكننا أيضا إستخراج الكربون النشط من أنواع أشجار مصرية آخري كما أثبتت التجارب البحثية .

” بحوث ومخلفات  ”

أكد الدكتور هشام محمد علي بقسم بحوث الغابات والأشجار الخشبية –  معهد بحوث البساتين – مركز البحوث الزراعية علي ضرورة التوظيف الجيد للإشجار في المكان والغرض المناسب وعدم نقل تجارب الآخرين بطريقة التقليد الاعمي ، لافتاً إلى أن زراعة اللوسينيا لابد وأن تزرع فقط في أماكن معينة وليس بطريقة العشوائية لتجنب أضرارها ولتحقيق  الإستفادة منها كقيمة إقتصادية في العديد من الأغراض .

ولفت هشام إلى نجاح أبحاثه في الوصول لنتائج إيجابية ذات مردود إقتصادي من زراعة اللوسينيا وذلك من خلال إجراء أبحاث مشتركة علي النبات  ؛ للإستفادة من مخلفاتها ، وبالتعاون مع كلية الكيمياء ، ومركز التقنيات الحديثة متعددة التخصصات ، جامعة نيكولاس كوبرنيكوس – تورون – بولندا  ؛ والذي إنتهي إلى تحويل مخلفات الأخشاب المتاحة في مصر من ضمنها أخشاب اللوسينيا إلى كربون نشط  ، مشيراً إلى أن توفير الكربون المنشط من أشجار  اللوسينيا خطوة هامة ذات مردود إقتصادي كبير ومن خلاله نستطيع إيقاف نزيف إستيراده من الخارج وتوفير العمله الصعبه نظرا لإستخداماته العديده ؛ حيث يدخل علي سبيل المثال في تصنيع الشمعة داخل فلاتر المياه ، كما يدخل في صناعة الأقنعة المستخدمة في الوقاية من الغازات الناتجه عن الحرب الكيميائية ، وكذلك في كابسولات الفحم العلاجيه ، كما يستخدم أيضاً في تنقيه المياه بمحطات المياه سواء الخاصة بمياه الشرب أو معالجه مياه الصرف ،  كما يتم إدخالها في صناعة السكر حيث يتم  إستخدامها في تبيضه وتنقيته  ، علاوه علي إستخداماته في إنتاج الخلايا الشمسيه الحديثة لإنتاج طاقة متجددة نظيفة .

كما تم إنتاج الفحم الحيوي لمقاومة بعض حشرات المنتجات المخزونة من مخلفات اللوسينيا  ؛ وهو البحث المشترك لبحوث البساتين مع قسم كيمياء وتكنولوجيا المبيدات – كلية الزراعة – جامعة الإسكندرية ، وقسم بحوث التقييم الحيوي – المعمل المركزي للمبيدات الزراعية – مركز البحوث الزراعية .

” توصيات ”

أوصي وكيل بحوث البساتين إلى إمكانية زراعتها في المراعي بهدف إستغلالها وتغذية الحيوانات عليها بعد وقت معين من نضجها ، وكذلك إستخلاص المواد الهامة منها التي تدخل في الصناعات الآخري .

كما وجه قسم بحوث الغابات والأشجار الخشبية بمعهد بحوث البساتين للضرورة التخلص من هذا النوع الشجري وعدم التوسع في زراعتة عشوائيا واستغلال المتاح منه في إنتاج المنتجات الضرورية  .

كما أوصت البساتين بإمكانية الإستفادة من هذه الأشجار وإستغلالها في تغذيه الحيوانات  في حالة زراعتها في المراعي ، والتخلص منها بعد وقت معين من نضجها مع الإلتزام بكافة التوصيات والإرشادات الفنية  مع مراعاة ضرورة اللجوء إلى المتخصصين لأخذ الراي والمعلومة عند القيام بمشاريع التشجير أو زراعة الغابات .

د هشام محمد علي
د رمضان محمد
د مها فاروق

” الأنواع الغازية  ”

تم إعلان أشجار اللوسينيا من الأنواع الغازية الرئيسية في العديد من البلدان في أفريقيا الإستوائية ، وآسيا ، وأوروبا ، وأمريكا الشمالية والجنوبية ؛ حيث يعد هذا النوع الآن واحدًا من أسوأ 100 نوع غازي في العالم ، وذلك طبقا للإتحاد الدولى للحفاظ على الطبيعة ” IUCN  ”  ، كما تعد من الأنواع المدرجة في القائمة الحمراء للـ IUCN مهددة من قبل الأنواع الغريبة الغازية ، كما أن الحد الأدنى من التكاليف للتخلص من الأنواع الغريبة الغازية وصل إلى 1.288 تريليون دولار أمريكي في الفترة من 1970-2017 .

كما يمثل هذا النوع الشجري خطورة كبيرة في عدة جزر على المحيط الهادي ، وتتخذ إجراءات شديدة لمنع إنتشاره ، كما أعتبرت بعض الجزر نقل بذور هذا النوع من مكان لآخر جريمة يعاقب عليها القانون .

تقول مها فاروق إن اللوسينيا شجرة من الفصيلة البقولية قوية النمو غزيرة المحصول ممتازة للعلف وتغذية الحيوان أوراقها تحتوي علي نسبة عالية من البروتين الخام والماشية التي ترعي عليها ، يزيد إنتاجها للحليب بنسبة 14 % ، وتزيد نسبة الدهون ومحتويات البروتين في الحليب ، وللشجرة قيمة غذائية إذ تستخدم قرونها كخضار وبذورها كبديل عن القهوة ويستخدم اللحاء لتسكين الألم الداخلي ، وهي من الأشجار الخشبية المثبتة للنيتروجين في التربة .

وشجرة اللوسينيا سريعة النمو دائمة الخضرة بلا شوك يصل إرتفاعها من 5 أمتار إلي 20 مترا معمرة السيقان خضراء ، وعادة ما تكون مغطاه بكثافة بشعر ناعم رمادي اللون والسيقان القديمة لها لحاء أملس رمادي أو بني مع العديد من البقع الصغيرة المرتفعة لها جذور عميقة ومتفرعة للغاية تنمو عادة بطول 2 – 10 أمتار تحمل الأزهار في مجموعات كروية كثيفة عناقيد في شوكات أوراق علي السيقان .

الثمار مستطيلة خطية مفلطحة تكون في البداية خضراء اللون ولكنها تتحول إلي البني أو البني المحمر عند نضجها عادة ما تتطور عدة قرون من كل مجموعة زهرة تحتوي كل من هذه القرون علي 10 – 25 بذرة صلبة بطول 6 – 10 مم وعرض 3 – 6 مم ذات لون بني لامع ومسطحة مضغوطه وبيضاوية الشكل  ، كما تزدهر في درجات الحرارة من 25 -30 ºم، وتنمو في مدى واسع من معدل سقوط الأمطار وتتحمل الجفاف ، وكنها لا تتحمل درجات الحرارة التي تصل إلى التجمد ليلا خاصة السيقان الصغيرة.

كما تعد اللوسينيا من أفضل أخشاب الحريق وصناعة الفحم لأنها ذات قيمة كبيرة وتتحمل الحرارة العالية والملوحة والجفاف والعطش والآفات والأمراض وتزرع في الأراضي الصحراوية الفقيرة وتنمو في العديد من أنواع التربة ، كما تنتشر في مختلف الأرضي الصخرية والرملية ،  وكذلك في الأراضي غير الخصبة لأنها تمتص العناصر الغذائية من باطن التربة وبعدها تتساقط أوراقها وثمارها علي الأرض لتغذي التربة السطحية .

شتلات اللوسينيا ذات جذر وتدي كبير نوعا ما يساعدها علي مقاومة العطش والجذور الجانبية أقل إنتشارا ، وتميل إلي أسفل بزاوية حادة ومن ثم فأن التنافس علي الغذاء والماء مع المحاصيل المجاورة محدود ، إضافة إلي أن الجذور الجانبية الصغيرة بالقرب من السطح تحتوي علي العقد المثبتة للأزوت الجوي ، وبذلك تعتبر أحد مصادر النيتروجين الطبيعي .

كما يقدر محصول الهكتار من الخشب بحوالي 30 مترا مكعبا ، كما أن اللوسينيا شجرة متعددة الإستخدامات في سد الفراغات في مصدات الرياح ومن الممكن أن يربي علي أزهارها نحل العسل ، وهي غذاء للحيوان وتتغذي عليها الماشية والأغنام ، والدواجن ، والخيول ، والماعز ، وفي بعض الأحيان يتغذي عليها الإنسان وتستخدم خشبها في صناعة الخشب الحبيبي ودعامات لمحاصيل الفاكهه كالعنب والنباتات المستقلة  .

كما لقيت زراعة اللوسينيا في نهاية القرن الميلادي الماضي تشيجعا منقطع النظير بوصفه نبات ظل ولإستصلاح الأراضي وحماية التربة من الإنجراف والمحافظة علي موارد المياه وعمليات التشجير وبرامج تحسين التربة .

وتتم زراعة شجرة اللوسينيا بالبذور والعقل واحدة من أشجار العلف عالية الجودة والأكثر أستساغة في المناطق الإستوائية ،  ورغم كل ذلك يعد هذا النبات أحد الأشجار غير المرغوب فيها لانها تغزو مجاري المياه والمواقع المضطربة والأراضي الزراعية لها جذع نحيل
يكسوه لحاء خشن بني .

ويشكل اللوسينيا مجموعة شجرية كثيفة متي كانت البيئة مناسبة له والأوراق ناعمة خضراء فاتحة ريشية مزدوجة والأزهار بيضاء تشبة الوسائد الدبوسية والثمار قرون بنية تكسو الشجرة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى