سلايدرمقالات

د جيهان سلام / تكتب ” فؤاد حجازي وحجازي الانتهازي

يأنف فؤاد حجازي أن نقارنه بحجازي آخر ، على النقيض منه في كل شيء ، لكن إذا كان “الضد يظهر حسنه الضد” فإننا نعتذر لفؤاد حجازي الذي رحل جسدا وخلد معنى وقيمة وطنية وقدوة إنسانية في نفوس آلاف المثقفين الذين اغترفوا من فيض وطنيته وإبداعه الروائي وتواضعه ورقيه وعزة نفسه التي لازمته حتي وهو ينازع المرض على سريره المتواضع ولايهوى إليه من تلاميذه ومن نفخ فيهم روح الأدب سوى قلة قليلة من الأوفياء ، ثم بمجرد إعلان الوفاة انطلقت كل الأبواق راثية له مدعية قربها منه!!!
لاضير في أن تشهد مواقع التواصل الاجتماعي (احتفالية ضخمة) بارتفاع روح المقاتل المصري الذي وقع في الأسر يوما ما، ونموذج المثقف العضوي صاحب الرأي والرؤية، والدور المجتمعي ، وأحد رموز فن القص والحكي والرواية، وصاحب سلسلة أدب الجماهير الرائدة ، وأنا واحدة من الذين نشرت لهم بعيدا عن مجاملات هيئات الثقافة.
لاضير أن نبيح لأنفسنا معتذرين له أن نقارنه كذلك بحجازي آخر.
حجازي الوطني المقاتل الذي انطلق من ساحة الدفاع عن وطنه في حرب الاستنزاف إلى ميدان القتال عن هذا الوطن في ساحة الهوية الثقافية ، وساحة حرية الفكر وساحة الإيمان بالمستقبل ، وساحة التبني لكل بذرة موهبة في هذا الوطن ، بينما حجازي الآخر لم يعرف للجندية سبيلا، بل عرف الطريق إلى فرنسا مرسلا سرا من الرئيس الراحل أنور السادات ليخترق تجمعات المعارضين الهاربين من حكم السادات، ثم ينقل له أخبارهم وتحركاتهم وقد قرأت هذا في كتاب يعترف فيه غالي شكري صديقه بذلك ، كما عرف حجازي الانتهازي كيف يستحلب الدولة إلى آخر قطرة حين عاد إلى مصر متوليا المقاعد والمناصب ، جالبا لنفسه كل شهرة مصنوعة، وكل جائزة مشبوهة ، حتى الجوائز التي كان مخولا من الدولة بمنحها للمبدعين منحها لنفسه أولا!!!! ومازال مدعيا للبطولة التي لا حظ له فيها من أي وجه .
فؤاد حجازي ظل فقيرا شامخا غير متاجر بفقره ، يحمل جراحه الخاصة في أعماق نفسه غير كاشف لها أمام أحد ،يكن في شقته المتواضعة في المساكن الشعبية بحي بسيط في أعماق المنصورة ، بينما حجازي الآخر مهموم بتوفير الملذات والسهرات والسفريات ويعيش في أبهة السكن الفخم في مصر الجديدة .
فؤاد حجازي أيقونة من أيقونات أدب الحرب رواية وقصة ، وظل عاكفا على تسجيلها ومنها( الأسرى يقيمون المتاريس ) إحدى معالم أدب الحرب ويتدفق إنتاجه الإبداعي حتى الرمق الأخير من حياته ، أما حجازي الآخر فقدم ديوانا أو ديوانين وانقطع وجف معينه إلا من تكرار لنفسه ، وصخب صوته في بعض القصائد ، وبعض المقالات التي ظن أنها ستؤهله لاحتلال المقعد الوزاري !!!
فؤاد حجازي اليساري الشريف ظل زاهدا في كل متعة حادبا على الشاب والفتاة والسيدة المبدعة ، وأنا من هؤلاء ، أما الآخر فالمرأة المبدعة من وجهة نظره وسلوكه كائن مباح لنزقه وهو العجوز المتصابي .
لعل اختفاء فؤاد حجازي جسدا من بيننا يصبح ناقوسا يقرع عقل الدولة وضميرها لتحتفي بتجربته الوطنية والفكرية والإنسانية وبكل من يشبهه في هذا الوطن ، وهم قليل وتتجاهل أمثال حجازي الانتهازي حتى يكون في مزبلة التاريخ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى