أخبار عالميةسلايدر

مالي ببن فكي كماشىة والمسلحون رسائلهم الي فرنسا

كتب / حمدي الكاتب

كشفت العملية الاستعراضية العسكرية، التي قامت بها مجموعات مسلحة بمنطقة بوكا ويري، على بعد حوالى مئة كيلومتر من الحدود مع موريتانيا، والتي أدت بحياة أكثر من 24 عسكريا ماليا، وفقدان آخرين، في حصيلة هي الأثقل منذ العملية التي سجلتها مالي في نوفمبر 2019 ، عن رسالة من التنظيمات المسلحة، وكرد فعل على الاعلان الفرنسي مقتل قيادات من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، مؤخرا، وعلى رأسهم أبو عبد المالك درودكال، وتحديدا في 5 جوان، وهو ما اعتبرته باريس انتصارا كبيرا في حملتها ضد الجماعات المسلحة في المنطقة، ومن ثم فإن العملية تبرز رغبة التنظيمات المسلحة التأكيد على وجودها، وكذا قدرتها على توجيه ضربات موجعة في توقيت حساس، وبعث إشارات على أنها لا تزال موجودة في الميدان، وتفرض منطقها وكلمتها، في تحد واضح وصريح.
وتندرج العملية في سياق عمليات سابقة متلاحقة، تمت على محيط قوس الازمة، الذي يمتد من حدود التشاد والنيجر والمالي وبوركينافاسو، لتحمل بصمات تنظيم “داعش”، الذي تبنى العديد من العمليات السابقة في المنطقة .
والملاحظ أن العملية تمت بالقرب من مدينة ديابالي، في منطقة “سيغو”، أي وسط مالي، وهي منطقة غير بعيدة كثيرا عن مسرح احداث العملية السابقة، التي أودت بحياة نحو 50 جندي مالي في 2019.
كما شهدت مدن بولكيسي وموندورو، وسط مالي دائما، شهر اكتوبر 2019، عملية قتل فيها 25 جنديا ماليا، قرب الحدود مع بوركينافاسو، وقبلها عملية في جوان 2019 راح ضحيتها 95 شخصا .
وفي المحصلة، فإن تكرار العمليات المنسوبة إلى ال،جماعات المسلحة تكشف عن قصور الترتيبات الامنية والعسكرية، فإلى جانب ضعف الجيش المالي عتادا وتنظيما، فإن ترتيبات عمليتي “سيرفال” ثم “برخان” الفرنسية، لم تنجح في تحييد فعلي لكافة المجموعات المسلحة التي تكيفت مع واقع الأرض، وغيرت استراتيجيتها عبر الانتشار والاستفادة من شبكات تحالف، وحاضنات سمحت لها بالنشاط في مواجهة إما قوات افريقيةأو خاصة فرنسية، تبقى ترى على أنها دخيلة وغريبة عن المنطقة، وترسخ النظرة الاستعمارية في المنطقة.
وتتواجد مالي منذ سنة 2012 في مستنقع أزمة عميقة، أدت إلى سقوط آلاف القتلى المدنيين، وليس الجنود فقط، كما أدت الى تشريد مئات الآلاف، على رغم دعم المجتمع الدولي لمالي، وتدخل قوات أممية إفريقية وفرنسية، حيث امتدت اعمال العنف في شمال مالي، إلى وسط البلد، ثم انتقلت لتصل أيضا إلى الجارتين النيجر وبوركينافاسو.
ورغم التوقيع على اتفاق سلام في 2015 مع الطوارق في الشمال، الا أن مالي تشهد أعمال عنف من توقيع جماعات مسلحة، في ظل توترات مجتمعية وعرقية، تشعل فتيلها هذه الجماعات، التي عملت على إرساء شبكات موازية، قوضت سلطة الدولة، التي لا تبسط سطرتها إلا على أجزاء فقط من الأراضي المالية، حيث عاشت البلاد، العديد من العمليات ذات البعد القبلي، كما حدث في 2019 في مذابح بحق القرويين وتصفية حسابات وأعمال طالت مدنيين، وكذا المذبحة التي حدثت منذ أيام، وأدت إلى سقوط 43 مدنيا في عملية إرهابية وسط مالي، فيما اعتبر تصفية عرقية بين قبائل “الفلاني” و”الدغون”
بالمقابل، فإن المنطقة سجلت عودة نشاط المجموعات المسلحة، مع بروز نشاط تنظيم “داعش” في منطقة كانت تخص تنظيمات من بينها “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، فإلى جانب هذه الأخيرة والممثلة في “جماعة نصرة الإسلام”، يبرز تنظيم “داعش” الممثل في “تنظيم الدولة في الصحراء الكبرى”
وتحاول السلطات المالية بدعم من حلفائها، قيادة المعارك والعمل السياسي، كما سعى الرئيس المالي إبراهيم أبو بكر كيتا، الى تقديم تنازلات، حيث كشف في فيفري 2020 عن “فتح قنوات للحوار مع “التنظيمات المسلحة”، ومن بين هؤلاء زعيم جبهة “ماسينا” حليف “القاعدة” أمادو كوفا، وزعيم “أنصار الدين” المتحالف مع “القاعدة” إياد أغ غالي، متجاوزاً بذلك الخطّ السياسي المتبع رسميا، الا أن المسعى لم يبرز أي مستجدات، كما حاول الرئيس التقرب من نخب وقيادات وزعماء طوائف وسياسيين وممثلين من المجتمع المدني في مالي، الا أنه واجه حالة من الاستياء والرفض الشعبي، تجلى في مظاهرات داعية الى استقالته، في 5 جوان الجاري، إلى جانب معارضة داخلية منذ الانتخابات التشريعية في مارس وأفريل 2020، وهو ما يضع مالي بين فكي كماشة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى